مظلة الكترونية فوق الكعبة؟!

تعتزم المملكة العربية السعودية بناء سقف قابل للطيّ فوق الكعبة. وهذا ما أثار موجة غضب واستياء العديد من المسلمين الذين رأوا أن هذه التعديلات "تنسف" الطابع التاريخي وتدمر روحانية أحد أكثر الأماكن قدسيةً في العالم.

ما الغرض من هذا المشروع؟ وهل يسيء حقاً لصورة الكعبة؟

في الوقت الذي لم يصدر فيه أي إعلان رسمي من السلطات السعودية ووسط تكتم محافظة مكة المكرمة عن "مشروع المظلة"، نشرت صحيفة "الأندبندنت" البريطانية فيديو من قبل مؤسسة الأبحاث للتراث الإسلامي، يكشف عن نموذج مصغر لشكل السقف الذي من المرجح أن يوضع فوق الكعبة، بهدف حماية الحجاج من أشعة الشمس عند زيارة الكعبة.

ووفق قائد قوات الأمن في المسجد الحرام، محمد الأحمدي، فإنه من المفترض البدء ببناء السقف الجديد في أقرب وقت، على أن يصبح جاهزاً عام 2019.

وتتحدث "الأندبندنت" عن التجديد الجاري في البنية التحتية في مكة المكرمة والمدينة المنورة لاستضافة المزيد من الحجاج منذ عام 2011، أي في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز.
واللافت أن هذه الإضافات تشمل مجمع المسجد الحرام، وهي 6 طوابق جديدة للصلاة، و21 ألف مرحاض، و860 مصعداً للعموم، و24 مصعداً لذوي الاحتياجات الخاصة والذين يعانون من صعوبة في الحركة.
ما إن انتشر خبر "مشروع المظلة الجديد"، حتى تكاثرت ردود الفعل الغاضبة، والتي اعتبرت أن الهدف منه تدمير مهد الإسلام والقضاء على التراث الإسلامي.

وعبّر الدكتور عرفان العلوي، مدير مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي عن رفضه هذا المشروع قائلاً: "لقرون عدة، سافر المسلمون إلى الحج والعمرة ولم يتذمروا يوماً. لا أستطيع أن أفهم لماذا سيتم تدمير مهد الإسلام وتراثنا بهذه الطريقة؟"، وتابع: "لا شيء ينبغي أن يغطي الكعبة من فوق، لأن المسلمين يؤمنون بأن رحمة الله تنحدر من أعلى السماوات".
وأكد العلوي أن هناك أشياء كثيرة يمكن للسلطات السعودية أن تفعلها لحماية الناس، كتشييد مستشفيات، علماً أن "أقرب مستشفى كبير يبعد أكثر من 8 كم عن مكة المكرمة".

وقد اعتبر العلوي أن "سجل السعوديين في رعاية المواقع التاريخية سيئ للغاية. صحيح أنهم يؤمنون بالابتكار، ولكنهم يدمّرون الكثير في هذه العملية"، وشبّه "المظلة الجديدة بالمركبة الفضائية التي تظهر في أفلام هوليوود".
و"كون مكة والمدينة المنورة لا تتمتعان بحماية مواقع اليونسكو التراثية العالمية، فإن لدى الرياض الحرية المطلقة للقيام بأعمال التحديث في المدن المقدسة"، هذا ما نقلته "الأندبندنت" على لسان النقاد.
غير أن التحديثات التي أجرتها السلطات السعودية في مكة بعد تهديم المساجد القديمة، قد أثارت غضب المصلّين والمؤرخين في جميع أنحاء العالم، إذ اعتبروا أن الفنادق الحديثة ومراكز التسوق جاءت على حساب الأحياء التاريخية.
وكشف معهد الخليج، الذي يتّخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقراً له، في دراسة صدرت في العام 2012 أن نحو 95% من المباني التي يبلغ عمرها قرابة 1000 سنة في مكة قد دمرت خلال السنوات العشرين الماضية.

وفي معرض الحديث عن تدمير المعالم التاريخية، اعتبرت صحيفة "بلفاست تلغراف" أن مكة المكرمة فقدت من قيمتها الروحية، وأصبحت مخصصة للأغنياء، إذ أشارت إلى أنه خلف الأبواب المقفلة وبعيداً عن آذان الشرطة الدينية، يعتبر السعوديون أن أقدس موقع إسلامي بات أشبه بمدينة لاس فيغاس، وذلك نتيجة تدمير المعالم التاريخية والثقافية لإفساح الطريق أمام الفنادق الفاخرة ومراكز التسوق.

وقد أثار هذا الموضوع استياء العديد من المدافعين عن الإرث الإسلامي، ومنهم على سبيل المثال، المعماري السعودي والخبير في الآثار الإسلامية سامي أنجاوي.
ففي مقال ورد على موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية، حمل عنوان "الرجل الذي يحلم بمكة القديمة"، رفض "أنجاوي" اعتبار مكة مدينة، مؤكداً أنها "بيت الله" و"مهد الإسلام". وكان قد أعرب لرويترز عن قلقه الكبير جرّاء التغييرات الكثيرة التي تخفي معالم مكة وتجسد التناقض الصارخ مع طبيعة مكة وقدسية بيت الله.

وبدوره كان الباحث البريطاني ضياء الدين سارادار قد كتب في صحيفة النيويورك تايمز عن التغييرات التي شوّهت صورة مكة، ومما جاء في مقاله: "عندما زار ملكوم إكس مكة المكرمة عام 1964 كان مسحوراً بها، إذ وجد أن المدينة قديمة قدم الزمن وكتب أن التوسعة التي كانت قد بدأت بشكل جزئي ستجعل المسجد الحرام يضاهي الجمال المعماري لتاج محل في الهند... لكن بعد مرور 50 عاماً، يحاول الحجاج عبثاً أن يروا في مكة تاريخ الإسلام".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال