أزمة أخلاق


لم تكن أسماء الأسد بطلة المشهد بالنسبة إليّ في فيلم وثائقي تعرضه القناة الالمانية يحمل اسم السيدة الجميلة وبعدّة لغات، وإنما تلك السيدة الخبيرة في المجتمع الدولي من جهة، وفي الاوضاع في الشرق الاوسط وخصوصا سوريا من جهة ثانية،  والتي ظهرت في 4 مقاطع خجولة من فيلم أسماء الأسد- وجه الديكتاتورية الجميل، لتعرّي تماماً طريقة تفكير المجتمع الدولي واستشراقه فيما يخص الشرق الأوسط، وفي هذه الزاوية تحديدا ما ينطبق على سوريا يمكنه أن ينطبق على كل الدول العربية الاخرى.

في جملة المراسلة الصحفية كرستين هلبرغ الاولى ظهر أن المجتمع الدولي كان يعرف بالتعذيب في السجون السورية منذ استلم بشار الاسد، الا ان الاول قرر ان لا يتحدث عن ذلك بعدما عقد مقارنة وفقاً للاهمية بين انتقاد سوريا وعقد الصفقات التجارية معها، فرجحت كفة الصفقات والمعاملات التجارية.

جملتها الثانية، اكدت فيها ان المجتمع الدولي يتصرف قبل ان يفهم كيف تعمل دولة مثل سوريا، فقد انشأ الاتحاد الاوروبي مركزاً حقوقيا في سوريا دون تأمينه سياسيا ما جعل السلطات السورية تغلقه في اليوم التالي. هنا تعلّق هلبرغ بأن الاتحاد الاوروبي صرف الكثير من النقود دون أن يعرف كيف تدار هذه الدولة ولو عرف لما اقدم على خطوة كهذه. جملتها الثالثة والاخطر، تؤكد ان المصالح الموجودة لدى المجتمع الدولي هي ايضا ما سيحذو بهم لقبول اعادة تأهيل الأسد وبقائه في السلطة.

وفقا لما قالته هذه السيدة فإن العالم كلّه أمام ازمة اخلاق حقيقية،  اذا ما كانت المصالح هي وحدها ما يحرك المجتمع الدولي. وعليه فإن على سكان كوكب الشرق الأوسط أن يعيدوا حساباتهم فيما يتعلق بصورة المخلِّص التي يرون فيها المجتمع الدولي كلما دق الكوز بالجرة!.

أما بالنسبة لما لم تقله السيدة، فمن الواضح أن الديكتاتورية التي يعترض عليها الفيلم جعلت المجتمع الدولي يحسب حساباً كبيراً للنظام السوري، وهنا قد نفهم الجزء القادم من القصة ونفهم السبع سنوات الماضية جيداً.


طبعاً لست بصدد الدفاع عن هذا أو ذاك، ولكن الفيلم يمثل وجهة نظر واحدة، دون الاخذ بعين الاعتبار للطرف الاخر، نعم يوجد ظلم كما ويوجد من اتهم وحُكم عليه لا لشيء فقط لكلمة قالها أو كتبها، كل ذلك موجود، ولكن ماذا نقول على من ساهم بإقاد هذه النار.
بختصار شديد: يعني مارحت غير على مات، نقط من أول السطر؟ لان الكلام بعض الاحيان يكون قنابل لا فوائدة منها سوى القتل.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال