من هم المثليون ....

في البداية لنتحدث عن جميع الميول الجنسية لدى الإنسان بشكل علمي ومختصر:
أولا الميل المغاير: وهذا توجه جنسي يشعر أصحابه بالانجذاب الجنسي والعاطفي نحو أفراد من الجنس الآخر (رجل وامرأة).
ثانياً الميل الازدواجي: وهذا توجه يشعر به الأشخاص بالانجذاب الجنسي والعاطفي لأفراد من نفس الجنس ومن الجنس الآخر أيضاً (رجل وامرأة أو رجل والعكس)، وهذا حسب مدى ميل الشخص الازدواجي.
ثالثاً اللا جنسية أو عديم التوجه الجنسي: وهذا النوع من الأشخاص لا تثار لديه المشاعر الجنسية نحو أي جنس من الأجناس.
رابعاً المثلية الجنسية: وهو انجذاب الفرد عاطفياً وجنسياً نحو أشخاصٍ من نفس الجنس (رجل ورجل أو امرأة وامرأة) وهذا موضوع حديثنا والذي سأسرده بطريقة علمية عاقلة ومنطقية.
المثلية الجنسية علمياً:
بيولوجياً، لا تعتبر المثلية الجنسية توجهاً اختيارياً، بل هي ناتجة عن عدة عوامل بيولوجية وبيئية ونفسية. وقد أظهرت عدة أبحاث علمية أن هذا السلوك الجنسي هو احدى التنوعات الطبيعية في الميول الجنسي لدى الإنسان، ويمتد هذا السلوك بدايةً من ديدان الأرض صعودا إلى الرئيسيات، مع وجود نحو 1500 فصيلة من فصائل الحيوان لوحظ فيها السلوك المثلي. مع العلم أنه، كسلوك، قد أزيل من قائمة الأمراض والاضطرابات النفسية سنة 1973، وذلك طبقاً للجمعية الأمريكية للأطباء النفسيين.
وقد أثبتت عدة دراسات حديثة أن المثلية الجنسية لها علاقة جينية، وتعتبر الجينات المسؤولة عن الميول الجنسي من أحد أسباب هذا التوجه، فوفقاً لدراسة أجريت عام 2009، هناك أدلة كثيرة تدعم تأثر التوجه الجنسي بالعوامل الجينية، وتقول هذه الدراسة أن الإناث ذوات الأقارب المثليين من ناحية الأم تكون خصوبتهن عالية مما يزيد من نجاحهن التناسلي، وبالتالي يزيد احتمال أن يرث جينات المثلية بعض الأفراد في الأجيال اللاحقة.
وفي دراسةٍ أخرى اتضح أن التوأمان المتماثلان يتشابهان بالتوجه الجنسي أكثر من المتغايران أو غير المتشابهان، بحيث إذا كان أحد التوأمين مثلياً فاحتمال أن يكون الآخر مثلياً أيضا هو 52% في حال كانا توأمان متطابقان، أما إذا كانا توأمان غير متطابقان فتصبح النسبة 22%، ومن هنا يتضح أمامنا كيف أن للجينات عاملا في التسبب بالمثلية الجنسية.
ويجب الأخذ بالحسبان بأن هناك عوامل هرمونية أيضاً، فوفقاً لبعض الأبحاث، الميول المثلي يتأثر بالبيئة الهرمونية التي ينمو فيها الجنين ونشاط هرمون التستوسترون هو ما يجعل دماغ الجنين ينمو ليصبح ذكرياً ويقل تأثيره ليصبح دماغاً أنثوياً، وطبقاً لدراسة عام 2010 هذه هي الطريقة التي تحدد بها الهوية الجنسية وكذلك التوجه الجنسي. ولكي يعلم الجميع أنه ليس هناك أي دليل سيكولوجي علمي موثق حتى الآن يدعم أن النشأة في الطفولة غير الطبيعية، مثل التحرش الجنسي أول أي تجربة مؤذية مؤثرة على التوجه الجنسي للفرد، ولكن هناك بعض التجارب الشخصية التي تعرض أشخاص مثليون يربطون بها مثليتهم بطفولتهم. وهذه الدراسات المذكورة في الفقرة موجودة بالرابط بالأسفل في إحدى المجلات والمواقع العلمية الموثوقة كإثبات، فإذا لازال البعض يعتبرها اختيارياً، فهل لهم أن يختاروا أن يكونوا مثليين؟
المثلية تاريخياً وقانونياً:
في البداية، السلوك المثلي قديم قِدم التاريخ بالنسبة للبشر وكان أيضاً على الأغلب مرفوضا، فقبل الفترة الصناعية تقول البحوث التاريخية والإنثوغرافية أن 41% من 42 حضارة قد عارضت المثلية معارضةً شديدة، و21% قد تقبلتها أو لم تبدي لها اهتماما، واعتباره سلوك غير طبيعي يعود بتاريخه إلى أفلاطون.
في شرق آسيا كانت المثلية تتردد وواردة منذ أقدم ما سجل التاريخ، وذكرت أدبياً في العديد من الأعمال الصينية، وذكرت متعتها وتأييدها في الأدب المينغي وبدأت تظهر معارضتها في الصين في فترة مملكة تانغ. وفي اليابان وثقت لأكثر من ألف سنة وكانت جزءاً من الحياة الرهبانية البوذية وتقاليد الساموراي ومُجدت هذه العلاقات في الفن الأدبي التصويري، لكن في شرق آسيا اليوم تعد المثلية مسموحة فيما يقارب 20 دولة وتعتبرها قانونية.
في جنوب آسيا وردت أيضاً العلاقات المثلية، وفي الهند بالتحديد وردت قصص تصور الحب بين أشخاص وملوك وملكات من نفس الجنس، لم يكن هذا السلوك مقبولا لكنه اعتبر مخالفة بسيطة. أما في الشرق الأوسط، فقد ورَد أيضا السلوك المثلي في القصة التوراتية دافيد وجوناثان مثلا، وفي الدولة الصفوية التي أسسها إسماعيل الصفويّ (1501-1723) كانت بيوت الدعارة المثلية معترف بها قانونياً وتدفع الضرائب، وفي المجتمع الآشوري أيضا كانت شائعة ولم تكن ممنوعة وكان هناك أيضاً كهنة آشوريين مثليين.
وجدت أيضاً أعمال أدبية عربية في العصر العباسي كانت تتضمن المثلية فالشاعر أبو نواس مثلا كان يُثني في قصائده على الجمال الخنثوي، وكان هذا النوع من الأدب قد بدأ باللغة العربية ثم الفارسية فالتركية والأردية، وقد تناول محمد النغزاوي الجنس المثلي كجزء طبيعي من النشاطات الجنسية لدى الإنسان، حتى أن الدولة العثمانية قد شرعت المثلية عام 1858 حتى الآن في تركيا الحديثة.
أما أوروبا وفي روما بالتحديد بقي الشباب الذكور محور الاهتمام الجنسي لدى الذكور، وكان للأباطرة شركاء ذكوراً فيما عدا كلوديوس، وفي عصر النهضة اشتهرت إيطاليا بالحب المثلي وكانت تقام علاقات مثلية أحياناً بشكلٍ علنيّ لكن السلطات كانت تعدم وتعاقب نسبة كبيرة منهم، حيث كانت معظم أوروبا منذ النصف الثاني من القرن الثالث عشر تعاقب المثليين بالإعدام، لكن أوروبا اليوم تعتبر المثلية ميول جنسي عادي لا يُعاقب عليه الفرد.
أما في الأمريكيتين وإفريقيا فقد وثقت حالات وسلوكيات مثلية وكانت مرفوضة على الأغلب، بالنسبة لإفريقيا اليوم؛ بعض الدول تقر بالمثلية وبعضها الآخر ترفضها رفضاً تاماً، أما بالنسبة للأمريكيتين فالزواج المثلي في الولايات المتحدة وكندا مسموح به ولا يعاقب عليه القانون، أما جنوب أمريكا أيضا تسمح نصف دولها بزواج المثليين والقليل منها لا يعترف بالزواج لكن لا يعاقب على العلاقة المثلية.
المثلية والأديان ونظرة عامة:
جميع الأديان الإبراهيمية بأغلب طوائفها تحرِّم المثلية الجنسية بشكل قطعيّ وتصل عقوبة هذا الفعل بدايةً من النبذ حتى الإعدام. وفي أوروبا قبل عصر النهضة قد تم إعدام الكثير من المثليين استنادا لأسس دينية، والجدير بالذكر أن الدين الإسلامي بإجماع الطوائف والمذاهب كلها يقضي أن المثلي يجب أن يقتل كما قال النبي محمد: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به
ومن هنا أتعجب كيف أن الدين الإسلاميّ بين كل طوائفه ومذاهبه قد تم الاختلاف على شتى المسائل عاليها وسافلها والأمور التي قد تصل للعقيدة نفسها واتفقوا على القتل! وبسبب ميول جنسي! أما بالنسبة للديانات الهندية والصينية فمنهم من عارض ومنهم من وافق، لكن لم تصل أي واحدة فيهم لعقوبة الإعدام.

نرى أن جميع الديانات أو المنظمات والمؤسسات ممن يمنعون المثلية الجنسية بأي وسيلة ما هي إلا رجعية ولا إنسانية، فبعد أن طُرحت الإثباتات العلمية وأُكدت يجب على الجميع حينها البدء بتغيير تفكيره السائد وتغيير القوانين و التماشي مع العصر، ومن هذا المنطلق أرى بأننا يجب وبعد تحليل ونقاش هذه القضية أن نُسن قوانين توافق حقوق الإنسان وتمنع التدخل في هيكل الحرية الخاص بالفرد، لكي يعيش الجميع بسلام. فيجب أن تكون غايتنا وغاية القانون وغيرها من المنظمات هي حفظ كرامة الإنسان دون التعرض له وتعميم السلام بشتى الوسائل والمجالات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال