كل شيء على الارض من صنع الله، ولكن...


قام بعض الإخوة المؤمنين وبالذات شيوخ الأعراب، بالتبرير والتأكيد على أن إعصار إرما الذي ضرب الولايات المتحدة هو غضب من الرب على الممارسات اللادينية التي يطبقها الشعب الأمريكي وهذا منطق ديني ضعيف، فهل الأمريكيون الذين تقع ولاياتهم بالقرب من المحيط مصدر الأعاصير أكثر فجورًا من الأمريكيين الذين تقع ولاياتهم في الوسط الأمريكي بعيدًا عن هذا المحيط الملعون؟
والمنطق يقول إنه لو كان الرب فعلًا غاضبًا على الشعب الأمريكي لأرسل عليهم ريحًا صرصرًا عاتية من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الباسيفيكي، ومسح الوسط الأمريكي بالكامل نتيجة شذوذهم وزواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء وشربهم الخمور وتدخينهم للحشيش.
وينتصر العلم أمام تبريرات هؤلاء العلماء المختصين بالدين دائمًا، فالإعصار رغم قوته وشراسته يصنفه علماء الجيولوجيا على أنه أمر من أمور الطبيعة وأنه لا داعي لخلط الدين بالطبيعة، فالدينيون مهوسون بالخلط، إما خلط الدين بالسياسة في الشرق أو خلط الدين بالطبيعة فى الغرب، من أجل جمع تبرعات تذهب عادة لجيوب هؤلاء.
ولكن هذا لن يكون الإعصار الأول ولا الأخير فى أمريكا، والحكومة الأمريكية لديها تقارير دائمة عن الأعاصير التي ستحدث مستقبلًا، فالتنبؤ العلمي أقوى ومحدد وواضح ويختلف عن تنبؤات رجال الدين المطاطة!
ولذلك فالولايات المتحدة لديها هيئة فيدرالية مجهزة بالإمكانيات المادية والبشرية للتعامل مع مخلفات غضب الطبيعة مهمته تحديد حجم الخسائر المادية على أرض الواقع، ولدى هذه الهيئة تصريح على بياض من الكونجرس لسحب الأموال اللازمة لإعادة البناء فورًا من البنك المركزي الفيدرالي، بدون البكاء على اللبن المسكوب، فالحياة مستمرة سواء غضبت الطبيعة أم لم تغضب.
والذي سيحدث غدًا وبعد غد هو طرح مناقصات إعادة الإعمار على الشركات الأمريكية وسينتقل البناؤون من باقي الولايات للعمل في هذا المشروع وستنتعش المنطقة اقتصاديًا، بل إن الاقتصاد في هذه المنطقة سيشهد طفرة، ويعم على باقي الولايات المجاورة، وستحصّل الحكومة ضرائب تسدد ما أنفقته، بل إن منطقة الإعصار ستجدد وتصير أجمل مما كانت.
إذن.. الإعصار الغاضب خلق فرص عمل، وأنعش الاقتصاد وجدد مدنًا، وهذا يتم بالتنظيم واستقراء المستقبل علميًا وجيولوجيًا، وهذا هو الفرق بين الدول القوية والدول الضعيفة التي لا يكف شيوخها عن حشر الدين في الطبيعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال