حد الردة




يبدو حد الردة عند كثير من علماء المسلمين، حدا شرعيا لا غبار عليه. ويستدلون بأحاديث نبوية ورد بعضها لدى البخاري ومسلم. في مقدمتها من بدّل دينه فاقتلوه ولا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيّب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". لكن علماء آخرين، خاصة المعاصرين، يصرون على أن هذا الاحتجاج فيه الكثير من التشدد. ويدعون إلى قراءة جديدة، مقدمين بدورهم العديد من الحجج. هذه 10 منها: 

لم تذكر عقوبة القتل كحد للردة في القرآن. فرغم أن القرآن تحدث عن الردة في أكثر من آية، إلا أن أيا منها لم تشر إلى عقوبة القتل. فكيف يذكر القرآن حدودا أقل درجة (السرقة، الزنا، القذف..)، ولا يذكر حدا على درجة عالية من الخطورة عقوبته القتل؟

آيات القرآن تناقض حد الردة. ورد في القرآن العديد من الآيات التي تنص صراحة على حكم مخالف لحد الردة. فلمَ لا يؤخذ بها ويؤخذ بأحاديث نبوية رغم الملاحظات الواردة حولها؟ من هذه الآيات: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي (البقرة، 256)، وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (الكهف، 29)، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (يونس، 99) ...إلخ. 

مخالفة النبي نفسه للأحاديث التي يستند عليها مؤيدو حد الردة في حالات عديدة. ففي صحيح مسلم أن أعرابيا بايع على الإسلام ثم جاء إلى النبي يطلب التراجع قائلا أقِلْني بيعتي (أي اعفني من البيعة للإسلام التي في عنقي)، ولم يأمر النبي بقتله وتركه يذهب لحاله. ومعلوم أن الحدود لا يمكن إسقاطها في الإسلام، فلو كان للردة حد شرعي لما أمكن للنبي أن يترك الأعرابي دون أن يقتله. يعني هذا أن الأحاديث التي تشير إلى قتل المرتد مرتبطة بسياقات خاصة (المرتد المحارب) ما دام النبي نفسه لم يلتزم بها في المطلق.

قبول الشفاعة في المرتدين. لا تجوز الشفاعة في الحدود في الإسلام، لذا رفض النبي العفو عن امرأة من قبيلة مخزوم سرقت رغم استعطاف الصحابة له. لكنه في المقابل، قبل الشفاعة في صحابي بعدما ارتد هو عبد الله بن سعد بن أبي السرح. فلو كان حداً لما قبل الشفاعة فيه.

تعامله مع المنافقين: لم يقتل النبي المنافقين بتهمة الردة رغم معرفته بحقيقة أمرهم. بل على العكس عاملهم معاملة المسلمين، حتى إنه صلى على زعيمهم عبد الله بن أبيّ بن سلول، وكفّنه بقميصه واستغفر له.

موقف النبي في صلح الحديبية: كان أحد شروط قريش أن من يرجع من المسلمين إلى مكة (وهي تحت سيطرة قريش آنذاك) لا يملك النبي أن يطالب به. فلو كان هناك حد شرعي للردة لرفض النبي هذا الشرط لأنه يضمن حق الردة الطوعية وأصر على تطبيق عقوبة القتل في حق المرتدين. وهذا دليل آخر لأن لا تفاوض بخصوص حد من الحدود، حسب مؤيدي الحدود أنفسهم.

ربط حد الردة بحالة الحرب. الحديث النبوي الذي يُحتج به لتبرير عقوبة قتل المرتد هو نفسه يوضح أن المرتد المستحق للقتل هو التارك لدينه المفارق للجماعة. فلو كانت الردة هي السبب الأصلي في القتل لاكتفى النبي بعبارة التارك لدينه، ولما كان لعبارة المفارق للجماعة أي معنى. أضف إلى هذا أن هذا الحديث ورد في سنن النسائي بصيغة أكثر تدقيقا  ورجل يخرج من الإسلام حارب الله ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من الأرض.

حديث من بدّل دينه فاقتلوه. يرد علماء أن هذا الحديث عام جدا ويبدو كأنه مجتزء يصعب معه استخلاص حكم شرعي، فلا يعرف متى قاله النبي محمد ولا أين قاله ولا في أي شيء قاله! كما أن عبارة من بدّل دينه لا تعني بالضرورة تحول عنه إلى دين آخر، بل قد تعني حرّف دينه وغيّر ما جاء فيه من الأصول، كما أن التحول يمكن أن يكون مطلقا هنا، بمعنى، هل يشمل هذا الحكم أي شخص يبدل دينه مهما كان؟ وعلى هذا الأساس: سيقتل اليهودي (أو المنتمي لأي دين آخر) إن غيّر دينه إلى الإسلام مثلاً!

حروب الردة. لا يمكن الاحتجاج بحروب الردة كدليل لتبرير حد الردة. أولا، لأن الصحابة أنفسهم اختلفوا فيها في بداية الأمر، ولو كان مدعاها هو إقامة حد شرعي لما اعترض بعضهم. ثانيا، لأن الخليفة أبا بكر لم يقاتل أفرادا مرتدين بل جماعات أرادت الإستقلال بمناطقها عن الخلافة، بل إن بعض هذه الجماعات كانت تعلن الإسلام وترفض أداء الزكاة فقط، ومنها من لم يؤمن أصلا، وغيرها من التفاصيل. فلو كانت الردة حدا ثابتا، كيف أراد بعض الصحابة وقف الحرب وعلى رأسهم عمر بن الخطاب؟

اجتهادات قديمة. يرى بعض قدماء الفقهاء مثل أبي حنيفة وسفيان الثوري، أن المرأة المرتدة لا تُقتل فيما يرى آخرون أنها تقتل، ما يؤكد عدم وجود نص شرعي قاطع في الموضوع، فالحدود تطبق بحق النساء والرجال على حد سواء.

ثم لنذهب الى المملكة العربية السعودية وهي ما هي في مثل هذه النقاشات وبالتحديد  مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية، الذي يعرفه القائمون عليه على أنه مسؤول عن مواجهة جذور التطرف والإرهاب، إلى نقاش علمي وفقهي حول إسقاط حد الردة في الإسلام، وهو ما أثار ردود فعل مؤيدو و منتقدة للفكرة.





 وهنا نسكت ليتكلم غيرونا ، فهذا مكان يجب ان يفتح فيه العقل والقلب على حد سواء ودون أي تحفظ، وطبعاً لا يجب أن نتحيز او نتحجر او نتعصب لأي شيء إلا للعلم، وعدا ذلك خيانة و إضاعة للأمانة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال