من استعمار الى استحمار...


لامانع عند وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان يدفع العرب ثمن بقاء (احتلال) القوات الأميركية في الأراضي السورية، ولكنه يريد من الدوحة ان تدفع الثمن، لأن القوات الأميركية تتواجد في قاعدة العيديد وهي تحمي قطر، ولولا وجود هذه القوات لسقطت قطر باقل من أسبوع.
الوزير الجبير لا مانع عنده ان يدفع العرب ثمن احتلال الأمريكان واستعمارهم لأراضينا فهذا ما يريده سيد البيت الأبيض، وسيد بعض العرب، الذي لا يستعمرنا فقط بل يستحمرنا.
ولقد وجدها الرئيس الاميركي دونالد ترامب فرصة ليبتز فيها المملكة ودول الخليج الغنية ويقول لهم ادفعوا ثمن حمايتنا لكم أو سأسحب قواتي من سوريا وارسلوا انتم قواتكم إلى هناك، وترامب وغيره يعرفون ان السعودية لا تستطيع ان ترسل قواتها وقوات غيرها من الدول التي شكلت منها السعودية التحالف الاسلامي لمكافحة الإرهاب إلى سوريا رغم ما ادعاه بعض المتحمسين من أن السعودية قادرة على ذلك.
في زمن الاستعمار البريطاني والفرنسي لبلادنا العربية قبل أكثر من قرن، كان هذا الاستعمار يدفع ـ ولو من مواردنا ـ ثمن استعماره واحتلاله لنا، ليس اموالا لمن كانوا حكاما أو زعماء قبائل، بل كان مسؤولا عن حمايتنا وعن تعليمنا وتحسين أحوالنا، ورغم ذلك كنا نرفضه، فثار بعضنا ضده وحاربوه، إلى أن استقل عالمنا العربي بعد ان قسمها الاستعمار قبل أن ينسحب.
وقبل سنوات أخذ بعض العرب يستدعي الاستعمار ويمنحه التسهيلات والقواعد.وقال هؤلاء ان تدويل المصالح في منطقة الخليج يحميهم من التهديدات الايرانية، وآخرون أتوا بالحماية الدولية الاستعمار لحماية انظمة حكمهم من تآمر جيرانهم.
والآن نرى ان بعض حكامنا العرب يستدعون الولايات المتحدة ليس لحمايتهم فقط بل لضرب وقصف أشقاء عرب آخرين.
والرئيس ترامب يستغل خلافات حكامنا وافتعال الأزمات فيما بينهم (مثل الأزمة المفتعلة مع قطر) ليبتزهم… ونرى حكاما عربا يخضعون للابتزاز الأمريكي فيضيعون ثروات شعوبهم لشراء رضا الرئيس ترامب وشركائه في الغرب ممن يستحمروننا، ليس ضد إيران فقط، بل ضد جيران وأشقاء عرب آخرين، ليس بصفقات التسلح الضخمة التي تفوق الحاجات الفعلية، بل أيضا بشراء مايعتقدونه نفوذا عند مؤسسات صنع القرار وادوات الرأي العام في الولايات المتحدة.
لقد استطاعت كوريا الجنوبية بوساطة الصين ان تنهي أزمتها مع جارتها الشمالية بعيدا عن الولايات المتحدة التي لها مصلحة في ان تحمي كوريا الجنوبية ولها قواعد عسكرية فيها.
ولكن سيول نجحت في تجنب ابتزاز الرئيس ترامب لها حين طلب منها شراء صواريخ مضادة للصواريخ الكورية الشمالية بحجة حمايتها من كوريا الشمالية، لأن كوريا الجنوبية تتعامل مع واشنطن على أساس ان للولايات المتحدة مصلحة في حماية جنوب كوريا حتى لا يتمدد النفوذ الصيني إلى الجنوب.
طبعا للسعودية مصلحة في بقاء القوات الاميركية في سوريا لا سّيما على الحدود السورية مع العراق، حتى تقطع هذه القوات الجسر الذي مدته طهران من إيران إلى سوريا ولبنان عبر العراق.
السعودية منذ أكثر من عام أخذت ترفع يدها عن التدخل المباشر في الأزمة السورية وأوكلت إلى الولايات المتحدة الأميركية التعامل مع المعارضة السورية المسلحة عسكريا وماليا، لذا لاحظنا ان فصائل المعارضة السورية المسلحة أخذت تتعرض إلى هزائم عسكرية واسعة جعلت النظام السوري يحقق الكثير من الانتصارات خلال العام الماضي.
وقد أخذت الولايات المتحدة تتدخل عسكريا وبشكل مباشر في سوريا ولم تكتف بدعم مقاتلي المعارضة الكردية في شمال شرقي سوريا، بل اقامت القواعد العسكرية هناك ويتواجد حاليا نحو 6 آلاف عسكري أميركي على الاراضي السورية بحجة محاربة تنظيم الدولة الاسلامية داعش الارهابي.
ولان للسعودية مصلحة في وجود القوات الاميركية هناك اغتنم الرئيس الأميركي الفرصة للطالب من السعودية الدولة الغنية بأن تدفع الثمن وإلا فسيسحب هو قواته وترسل السعودية وحلفائها قوات إلى سوريا لتحارب هناك.
وطبعا السعودية لا تستطيع ان ترسل قوات عسكرية إلى سوريا فيكفيها حرب الاستنزاف في اليمن.
والمطلوب حاليا ان تدفع الرياض الثمن دون ان تقول للرئيس ترامب ان وجود قواته في سورية مصالح سياسية وعسكرية له على الاقل في مواجهة التواجد العسكري والنفوذ السياسي الروسي في سوريا.
ونحن يستعمرنا ويستحمرنا الرئيس ترامب و يبتزنا ليس بسبب مخاطر إيران وأطماعها فقط، بل بسبب خلافات حكامنا مع بعضهم البعض وافتعال الأزمات فيما بيننا (مثل الأزمة مع قطر) واخيرا بحجة محاربة الإرهاب وداعش.
الى متى هذا الوضع سيستمر، اليس في وجه حكامنا حياء، او حتى شيء اسمه شارب يتصف به الرجال،أم من كثرة معاشرة النساء أصبحوا مثلهم، في كل شيء الا في ... وكفى.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال