ذكريات شيخ

   اجتمعت برجل سبعيني من فلسطين ولعل مما احزنني في كلامه بعض الذكريات، يوم قامت إسرائيل بهدم منزله فقال:
جلست أراقب هدم بيتي بالرغم من مرارة الشعور إلا أن ذلك كان خسارة وبكل المقاييس، فهدم بيتك أمام عينيك مع كل حركة من تلك الآليات الغاشمة، وهي تدك ما كان قبل لحظات المأوى والأمل والحلم تقف عاجزًا وأنت ترى ذكرياتك كلها تهدم و تصبح ركام، كل ما تستطيع عمله هو الاقتراب منه بعد ساعات لترى ما يمكن لملمته من حياة كاملة، باتت بلحظات ركام لتجلس أنت وعائلتك على أنقاض ما كان غرفة جلوس وربما غرفة نوم أو مطبخ، ملابسك في مكان ما تحت ذلك الركام، دفاتر وكتب المدرسة ومذكرات المراهقة التي كانت قبل قليل بجانب سريرك، أسرار كبيرة وصغيرة كنت تظن انك تخبئها في زاويا ما كان خاصًا بك ولك.
تنظر من حولك فلا ترى باب أو شبك تحاول سحب سجادة أو فراش أو ملابسك وملابس اطفالك، مقتنيات سنوات، أثاث اشتريته بالتقسيط واردت تزيين منزلك بما هو أفضل للتباهي أمام الجيران والأقارب، تغمض عينك لتحتفظ بالذكريات التي تكاد تتبخر من رأسك، ترتعش كل شعرة في جسمك المنهار من هول المشهد، بكل ضعف وهوان تواسي نفسك زوجك أبنائك جيرانك.
ثم جلس يبكي، والبكاء عند الرجال يسبقه أمر جلل؟

أقول الكل لديه ما يبكيه، ولكن هل ربنا سبحانه وتعالى راضًا عنا أم نحن راضون عنه؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أحداث حماة عام 1964

صرفت الى رب الانام مطالبي ...

أنا من أريحا عروس الشمال